بحريني من دون جواز

بحريني من دون جواز!
مريم الشروقي

بحريني ابن بحريني ابن بحريني بالروح والهوى، جدّه مولود في البحرين ووالده كذلك، ووُلِد في مستشفى المحرّق للولادة (الآريف)، ولكنه إلى يومنا هذا محروم من الجواز البحريني، ليس لديه إلاّ شهادة ميلاد تثبت أنّه من مواليد البحرين، ووالده كذلك، وكلّما يتوجّه للدراسة أو للعمل أو للزواج لديه وثيقة تعصر القلب، مكتوب عليها (لا جنسية له)، والسؤال هو إن كان هذا الشاب بحرينياً مولوداً في البحرين، ولديه انتماء للبحرين، ويحب البحرين، ولا يرضى عليها لا من قريب ولا من بعيد، فماذا يصنع لكي يكتمل حلمه بالحصول على الجنسية؟

والده ابن الخمسينات، عاصر أحداث الستّينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات والألفية حتى الآن، وعشق أرض البحرين، وابتعد عن السياسة وليست لديه مشكلات أمنية، وعمل في شركة وطنية من شركات البحرين، وكان في السابق الأمر أسهل لمن لا يحمل الجواز البحريني، على عكس أيّامنا هذه، وقد مضى عمره الطويل في حب البحرين، وبلغ الـ63 عاماً، وهو في انتظار الجواز الأحمر، ولكن الجواز الأحمر لم يصدر له بعد!

بحريني ولكن من دون الجواز ما الفائدة؟ أحب البحرين ولا أرضى عليها وجدّ جدّي مولود فيها ولكن ليس لدي هوية ماذا أصنع؟ كم بحرينياً يا تُرى يعاني الأمرّين وهو ليس لديه جواز بحريني يثبت هويّته؟ كم بحرينياً نستطيع احتضانه وجدّه الأوّل موجود في البحرين ولم يحظى به؟

في السابق لم يهتم الابن بالجواز، لأنّه لم يكن هناك في المدارس إلحاح على الجواز، لمعرفة وزارة التربية والتعليم بظروف من ليس لديه جواز بحريني، ولكن بعد المدرسة بدأت المعاناة، عندما يتوجّه ابن التسعينات للدراسة في الجامعة ولا يستطيع لأنّ ليس لديه هوية، وعندما يتوجّه إلى العمل لا يستطيع لأنّ ليس لديه هوية، وبين الحب والقهر ومشاعر الظلم لا يعلم ما العمل.

مولود في البحرين، مولود على هذه الأرض الطيّبة، ولا يفكّر أبداً في السفر أو الانتماء إلى أي بلد آخر، لأنّه يقول بأنّه سيكون غريباً في أي وطن غير البحرين، كيف نساعده وأمثاله من هذه المشاعر المتضاربة؟ كيف يستطيع هو وغيره أن يقولوا نحن بحرينيون من دون جواز أحمر يشهد لهم بذلك؟ هم بين الوطنية والانتماء، وبين رفض المجتمع لهم، ولا ندري أين سيستقرّون في يوم من الأيام، وهم ترعرعوا وترعرع أجدادهم في هذه الأرض؟

مشكلة الشاب أنّه بمعيّة والده وأهله ينتظرون الجواز، ووالدته بحرينية وتعمل في وطنها، فلماذا لا يستطيع الزوج والأبناء الحصول على هذا الجواز، الذي يفصل بينهم وبين هويّتهم التي يستشعرونها في حب البحرين.

نعلم بأنّ هناك عوائل ليست كثيرة، حضر أجدادهم إلى البحرين إمّا للعمل وإما لحب البحرين، ولكن إلى يومنا هذا يعاني الأبناء عدم حصول الأجداد أو الآباء على الهوية البحرينية، ونحن بانتظار المسئولين في الدولة وفي هذا الشهر العظيم أن يحلّوا معضلتهم، فليس كل من ترعرع في البحرين هو بحريني، وليس كل من لديه الجواز الأحمر ينتمي للبحرين!


صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5027 - الأحد 12 يونيو 2016م