تنميط الآخرين يخلق مشكلة دائمة
منصور الجمري
يوم أمس، أثار المترشح الرئاسي الجمهوري في أميركا دونالد ترامب ضجَّة عندما صرَّح لشبكة «سي بي إس» بأنَّ ما حدث من اعتداء إرهابي مؤخراً في أميركا جعله يفكّر - في حال وصوله إلى البيت الأبيض - في اعتماد إجراءات لـ «تنميط» profiling المسلمين. هذ يعني، أنَّه في حال فوزه سيدفع باتجاه إصدار تشريعات تسمح للسلطات الأميركية وضع خريطة مؤشرات يطبّقونها على المسلم للاستدلال على نواياه الإرهابيَّة قبل أن يرتكب جريمة. هذا يعني، أنَّ الاسم والشكل والملبس، ومكان السكن، والأصول الإثنيَّة، وغيرها يتمُّ إدخالها إلى قاعدة معلومات، وبعد ذلك يحدّدون (على أساس هذا التنميط) ما إذا كان هذا الشخص أو تلك الجماعة تمثّل خطراً على أمن البلاد، والقيام بضربها بصورة استباقيَّة.
وفي تصريحاته أيضاً، قال ترامب إنَّ من حقّ الأميركان أن يستخدموا التنميط بصورة جادَّة، واعتبر ذلك شيئاً من «الحسّ السليم»، مكرراً دعوته لمنع بعض المسلمين من دخول أميركا؛ لمنع الهجمات الإرهابيَّة المحتملة.
التنميط سيتطلب جمع معلومات عن المسلمين بطريقة استهدافيَّة واستباقيَّة، بحيث يتحوّل المسلمون - فيما لو تحقَّقت رغبة ترامب - إلى هدف مشروع لكلِّ الوكالات والسلطات الأميركيَّة.
ليس معلوماً ما إذا كانت هذه اللغة تستخدم فقط في سياق حملات الانتخابات، لكنَّ تنميط الناس مقدَّمة تؤدي إلى اضطهاد أولئك الذين يخضعون للتنميط. فلو طبّق هذا، مثلاً، على الإيرلنديين في بريطانيا في فترة الثمانينات من القرن العشرين لاضطرَّت الحكومة البريطانيَّة إلى وضع كلّ الإيرلنديين، الذين يعيشون في لندن وضواحيها، في السجون؛ لأنَّ لغتهم ومصطلحاتهم وطريقة حياتهم تشبه أولئك الإيرلنديين الذين كانوا يخوضون معارك دامية وينفّذون عمليَّات إرهابيَّة في قلب العاصمة.
إنَّ تنميط الآخرين لا يحمي أيَّة دولة من أيَّة جرائم محتملة، بل على العكس؛ لأنَّ الممارسات والإجراءات التي تقوم بها الجهات من أجل الوقاية من أعدائها المحتملين - عبر هذه الطريقة - تزيد الطين بلَّة، بل إنَّها تخلق مشكلة دائمة بدلاً من معالجة مشكلات مؤقَّتة.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5035 - الإثنين 20 يونيو 2016م