في هذه الفترة من كل عام يكثر الحديث عن المتفوقين من خريجي الشهادات العامة من الحاصلين على معدلات عالية تتجاوز في اغلب الأحيان 95%، فيحظون بالتكريم والتقدير على كافة المستويات التربوية والإعلامية والاجتماعية، وذلك تقديرا من المجتمع للنجاح والتفوق الدراسي.
إلا أن مصطلح التفوق مثير للجدل، فكثيرًا ما تثار النقاشات حول ما يسمى بالتفوق الدراسي والخلط بينه وبين التفوق العقلي، وبينهما وبين مفهوم الموهبة، وبعيدًا عن هذا النقاش، يمكننا القول إن التفوق العقلي له خصائص ومؤشرات ومميزات عديدة، ومنها التفوق الدراسي، مع ان بعض المتفوقين عقليا قد يخفقون في الدراسة او يتعثرون فيها، مع أن التحصيل الدراسي يعتبر من المحكات المهمة في الكشف عن المتفوقين، لأن التحصيل هو أحد المظاهر الأساسية عن النشاط العقلي الوظيفي عند الفرد، ولكن خطورة هذا النوع من التحديد للمتفوق عقليا هو أن هناك بعض المتفوقين لا يحققون نجاحًا بارزًا في التحصيل الدراسي وهذه الفئة أصبحت ظاهرة متكررة ومؤكدة في كثير من الدراسات.
المشكل هنا أن جل التركيز يكون على التحصيل الدراسي واكتساب الكفايات، أما استثمار الطاقات الكبيرة التي يمتلكها المتفقون عقليا فهو أقل بكثير من الجانب الأول، ولذلك نجد المتفوق قد لا يحظى بذات العناية التي يحظى بها الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على سبيل المثال، وذلك لأن هذه الفئة عادة ما تحظى بعناية خاصة وبتعاطف انساني وتربوي، بسبب الصعوبات التي يعانون منها نتيجة عدم قدرتهم على مجاراة الأطفال العاديين والمتفوقين عقليا.
وفي المقابل فإن أغلب الأطفال المتفوقين يخفقون في جذب انتباه المدرسين، لأنهم يستطيعون أن يتجاوزوا الطفل العادي في الصف أو يسبقونه، ولذلك غالبًا ما يتركون ليعولوا على انفسهم وقدراتهم الفائقة، لأن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يتطلبون انتباها خاصا من المعلم، في حين ان المتفوقين يدفعون بالدرس داخل الصف الى التسريع ورفع وتيرته الى مستويات عليا، ولذلك هنالك من ينادي بضرورة الفصل بين تعليم الفئتين، إلا أنه لا توجد في الواقع خطوط صلبة حاسمة لفصل مجموعات عن أخرى، ولذلك أخذت وزارة التربية والتعليم بمفهوم الدمج وعدم التمييز بين فئات الطلاب، مع توفير برامج خاصة لفئات محددة، كما افردت الموهوبون بمركز خاص يعتني بمواهبهم الإبداعية التي لا علاقة لها بالضرورة بالأداء الدراسي.