تقويم المسيرة الوطنيّة
منصور الجمري
إنّ طموحنا كمجتمع عصري أن نعيش في إطار يتّسق مع قيم العصر، وهي ذاتها القيم التي يذكرها الدستور، وتتّسق مع المعايير المعتمدة في القانون الدولي. ومثل هذا الطموح المشروع ليس جديداً، وهو ركن أساسي في الإصلاحات التي طرحت في العام 2001، عند التصويت على ميثاق العمل الوطني.
في زحمة ما يمرُّ بنا من أحداث، نلاحظ انقلاب الموازين في بعض الجوانب، بحيث أنّ الكثير من ما يحصل أمامنا حاليّاً لم يكن بالإمكان حدوثه من قبل.
وهذا لا ينحصر في قضية معيّنة فقط، وإنما هناك أساليب وممارسات لا تتّسق مع الإنصاف أو حقوق الإنسان، ومع ذلك يتم استخدام كل ما يتوافر من وسائل من أجل تطبيع الموازين المقلوبة، بحيث تصبح هي أساس التعامل في الحياة العامة.
التبريرات التي تُطرح لا تصمد أمام التمحيص؛ فمثلاً هناك من يقول بأنّ الطرف الذي يدّعي أنّ حقوقه مهضومة كان سيهضم حقوق الآخرين فيما لو كانت الظروف مختلفة، وبالتالي فإنه يستأهل كل ما يصيبه. وهناك من قد يطرح مقارنة، ويقول بأنّ ما يطال هذا الطرف أو ذاك من إيذاء، أقل بكثير مما يطال آخرين في مكان آخر... وعليه، فإنّ الحديث عن قواعد ودستور ليس له محل من الإعراب.
غير أنّ الإطار المستخدَم لتبرير هذا النمط من التعامل يخضع لأمور نسبيّة، أو مقارنات ليست لها ثوابت إنسانية محددة. كما أنّ جوهر المشكلة يقع في تصنيف الوقائع على أساس «نحن» و«أنتم»، وهذا التصنيف يفتح الباب لشتّى أنواع التبريرات والتفسيرات التي قد لا تجد حرجاً في تجاوز الكثير من الضوابط والمعايير الدستورية.
إننا بحاجة إلى العقلاء والمعتدلين من كل جانب لفتح القنوات والمصارحة حول المعايير الأساسية لتقويم المسيرة الوطنيّة، بحيث تنفتح العلاقات نحو تعزيز التماسك الاجتماعي على أساس المواطنة والإنصاف. إنّ تثبيت إطار إنساني-وطني يحكم العلاقات ويفتحها من كل جانب، سيساعدنا جميعاً للصعود بالأداء الوطني إلى مستوى التحديات التي تواجهنا.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5133 - الإثنين 26 سبتمبر 2016م